أكد حزب "الكتائب اللبنانية" في توصيات المؤتمر الحادي والثلاثين الذي انعقد في شباط الماضي في مجمع البيال والتي تلاها نائب رئيس الحزب سليم الصايغ أن "تحديات التي يواجهها لبنان تهدّد أسس كيانه، ويوصي المؤتمر بمعالجة كلّ منها بشكل معمّق وشامل لربطها في تصوّر واضح للمستقبل بالإجابة "عن أي لبنان نريد؟" السؤال الجوهري الذي طرحه مؤسس حزب الكتائب اللبنانية والذي لم يُجب عليه اللبنانيون بعد بشكل واضح".
وأوضح الصايغ أن "ضعف الدولة في شكليها البنيوي الدائم والمصلحي الآني أدى الى طلب الجماعة الطائفية المساعدة من الخارج ضد عدو خارجي أحيانا وخصم داخلي دائمًا، للاطمئنان حينًا والاستئثار بالسلطة أحيانًا، أو كلاهما معا"، داعياً إلى "تشريع العمل ضمن اللجان البرلمانية لاقرار اللامركزية الموسعة انطلاقًا من اقتراح القانون الذي تقدّم به حزب الكتائب اللبنانية مما يؤمن الانتقال من الطائفية التصادمية الى التعددية التفاعلية عبر قيام مجالس محلية منتخبة تأخذ الدولة الى المواطن ويُعاد تشكيل السلطات وتوزيعها بشكل يحفظ وحدة البلاد وسلامتها ويحرّر المناطق من كل معوقات حسن ادارتها، تنموية كانت أو ادارية أو مالية أو سياسية".
وشدد الصايغ على "ضرورة وضع استراتيجية وطنية لتحقيق مبدأ الحياد الايجابي والالتزام به، تأخذ بعين الاعتبار إقتراح التعديل الدستوري الذي تقدم به نواب حزب الكتائب اللبنانية بجعل الحياد مبدأ من المبادئ الميثاقية في مقدمة الدستور وضرورة تحقيق إجماع وطني لروح الحياد الذي يجب أن يكون حيادا قويا يتعاطى من منطلق المحافظة على الاستقلال وتعزيز المناعة الداخلية والالتزام بقضايا الجامعة العربية"، مؤكداً "ضرورة إطلاق ورشة عمل وطنية "لبنان 2020" بمناسبة المئوية الاولى لاعلان دولة لبنان الكبير تشترك فيها كل القوى الحيّة السياسية والاقتصادية والأهلية والروحية والتربوية والتنموية والنقابية، تهدف الى تحديد الاصلاحات الضرورية للانتقال بلبنان الى مئوية جديدة بثقة ورجاء وقوة".
واعتبر أن "تأثير وجود السلاح ودوره بات مصيريا على الشراكة الوطنية التي أفرغها من مضمونها والتي يريدها بين اتباع لخطّه ونهجه وسياسته، بينما الشراكة الوطنية الحقة لا يبنيها الا شركاء متساوون فعليا في الحقوق والواجبات، الا شركاء أحرار في خياراتهم وارادتهم وطرق تعبيرهم لا يخافون ضغطاً أو ترهيباً أو تهويلاً. كما ان الشراكة لا تكون إلا على القيم المشتركة فلا تكون مشروطة بالتخلي عن السيادة والاستقلال والحرية، تمامًا كمن يتخلى عن الذات"، مشيراً إلى أن "التحدي الثالث للكيان اللبناني هو في ضرب موقع لبنان السياسي على الساحة الدولية وفي تقهقر الاداء الدبلوماسي بسبب الدخول في لعبة المحاور والتزام الدولة المحور الذي ينتمي اليه حزب الله ممّا أدّى الى انحسار دور لبنان التاريخي بالإسهام الايجابي في المعترك الدولي. وهو إذ يذكّر ان فكر حزب الله السياسي هو فكر ديني ذات طبيعة شمولية يستحضر فكراً شمولياً من الطبيعة ذاتها للرد عليه، مما يؤدي الى الجنوح نحو التطرّف السياسي بكل أبعاده المعنوية والمادية، فيعزل لبنان عن العالم بدل أن يكون بلد الانفتاح على الكون. إنّ هذا التحدي الكياني الثالث المثلث الأبعاد، أي التقهقر الدبلوماسي، والإنحسار عن المعترك الدولي، والانغلاق عن العالم، يضرب مفهوم لبنان – الرسالة الذي يتغنى به كثر فيما يمعنون في الطعن به عن إدراك أو سوء تقدير".
وتضمن توصيات مؤتمر "الكتائب" التي أعلنها الصايغ "اطلاق نقاش وطني عام ضمن ورشة "لبنان 2020" حول السياسة الخارجية واستعادة الموقع الدولي للعودة الى لبنان - الرسالة"، بالإضافة إلى "وضع استراتيجية واضحة للتعاطي مع جامعة الدول العربية والدول الصديقة للبنان، وتحضير ملف المفاوضات اللبنانية لتحديد الحدود البحرية مع الدول المحيطة حماية لموارد لبنان الطبيعية، وتحويل لبنان برمته الى مساحة حوار عالمية عبر برامج توأمة فريدة من نوعها فلا يقتصر المشروع على استنساخ لمراكز أبحاث ودراسات ومؤتمرات تقول بالحوار موسميًا بينما الحوار عندنا نمط حياة وطريقة عيش وحلّ دائم للنزاعات الاجتماعية والسياسية والثقافية وتواصل وانفتاح يشكل عنصرًا أصيلاً من عناصر الشخصية اللبنانية الفريدة".
وشددت التوصيات على أن "التحدي الكياني الخامس هو في الفساد الذي يضرب الدولة والطبيعة الاخلاقية الحميدة للانسان اللبناني. وتعود أسباب الفساد الى ضعف الحكم وسوء تطبيق الأنظمة والقوانين والحماية الطائفية ممّا يؤدي إلى تكبيل القضاء لتسود مبادئ عدم المساءلة والمحاسبة والإفلات من العقاب وتستبدل الثقافة اللبنانية المبدعة بثقافة أخرى لا هوية لها ولا طائفة أو دين، هي ثقافة المتاجرة بكلّ شيء، حتى بالقيم والكرامة والقانون والدستور والوطن"، موضحة أن "الكتائب لم تنسَ يومًا أنّ جوهر نضالها هو المحافظة على الركيزة الأساس للكيان وعلّة وجوده وهو الانسان الحرّ المتمتع بكرامته وحقوقه في دولة تحافظ عليه ويحافظ عليها. فإذا ما فسد الانسان فسد الكيان وانتفى معنى لبنان وسرّ ديمومته. إن موضوع السيادة متلازم مع الأخلاق الانسانية، وكلاهما مرتبط بقيام الدولة، دولة الحق والمؤسسات وإن هذه الدولة في لبنان مجبولة بمبادئ النظام السياسي الديمقراطي الذي يستمدّ شرعيته من الشعب لا من حكم الفرد أو العائلة أو الدين. وإن هذا النظام يرتكز في بعده القانوني على الفصل بين السلطات واعتماد الحكم الصالح وسيادة القانون، وفي مشروعيته من رسالته الانسانية المغنية للعيش الحضاري وهي قد وضعت في مشروعها الانتخابي "131" سلّة من الاصلاحات لتعزيز الشفافية والدولة المدنية والمؤسسات الدستورية وترشيد الادارة العامة وتحديث الحياة السياسية. كما قد قدّم نواب الحزب عدّة اقتراحات قوانين لتعزيز الشفافية والمحاسبة وذلك باعتماد التصويت الالكتروني في مجلس النواب واسترداد الأموال المنهوبة أو لتمكين السلطات المحلية أو تعميم مبادئ العدالة أو الغاء جرائم الشرف أو الطلب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في ملف البواخر عام 2017 (بواخر الكهرباء)".
وأوصى المؤتمر بـ "التأكيد على تلازم مسألتي الدفاع عن السيادة، سيادة الشعب اللبناني على أرضه ومؤسساته، والدفاع عن الكرامة، كرامة الانسان اللبناني وحقه في الحياة في دولة تحترم حقوقه وتؤمنها، وذلك عبر المحاربة الفعلية للفساد والعمل الجديّ للإصلاح"، و"اعتماد سلّة الاصلاحات التي طالب بها مشروع الحزب "131" عام 2018 كتوصية من المؤتمر والعمل على تطبيقها، لا سيما وضع دليل اخلاقيات للعمل السياسي ورفع السرية المصرفية عن حسابات النواب والوزراء وموظفين الفئة الأولى والمتعهدين المتعاملين مع الدولة وتعديل قانون الاثراء غير المشروع لجهة عدم حصر الشكوى بالمتضرر وتعديل طريقة اختيار مجلس القضاء الأعلى وتحرير ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي والأجهزة الرقابية من وصاية السلطة التنفيذية والزامية استدراج العقود في ادارة المناقصات وتعيين "وسيط الجمهورية" والهيئة الوطنية لحقوق الانسان وقرار قانون الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وإلغاء مجلس الانماء والاعمار والصناديق والهيئات الرديفة لعمل الوزارات واستبدالها بوزارة التخطيط واقرار قانون الحكومة الالكترونية وتنقية الادارة من الوظائف الوهمية و وقف التعاقد بكل أشكاله وتطوير الاحصاء المركزي وتحديث الحياة السياسية عبر اعتماد تشريع جديد للأحزاب "يؤكد الحريات المكرسة في الدستور ويرسيها على قاعدتي الاستقلال والسيادة والاعلان العالمي لحقوق الانسان (مؤتمر عام 1971) وبإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة في قوانين الأحوال الشخصية والجنسية والعقوبات والعمل والضمان الاجتماعي واقرار قانون الحماية من التحرش الجنسي كما اعتماد نظام الكوتا النسائية بنسبة 30 بالمئة على الأقل في الانتخابات النيابية والبلدية وشتّى مجالات الوظائف العامة".
وقد اختتم البيان بتوصية الرئيس والمكتب السياسي بوضع خارطة طريق انقاذية للبنان انطلاقاً من المعارضة الوطنية تمهيداً لطرح بديل جدي في المستقبل لان في ذلك امل حقيقي للبنان واللبنانيين.